في يوم الخميس، أصبحت نانسي بيلوسي أول شخص في خلال 64 عاماً يعود إلى منصب رئيس مجلس النواب، لتكمل بذلك العودة الأكثر ترويعاً في السياسة الأميركية منذ أن أصبح ريتشارد نيكسون رئيساً. وتنم هذه العودة عن الكثير عن بيلوسي وسياستنا، لكنها قبل أي شيء انتصار للشجاعة والقدرة. لقد حاول «الجمهوريون» لسنوات جعل اسم بيلوسي نفسه لعنة. ووصفها ترامب وأعضاء حزبه بأنها داعمة «لأجندة اشتراكية»، وأنها «الوجه المختل» لحزبها، بينما وصفها آخرون بأنها «ديمقراطية سان فرانسيسكو» وهي كذلك، وبأنها «آلة» سياسية من بالتيمور، حيث خدم والدها وشقيقها الأكبر كرؤساء بلدية. ويبدو أن هذه الاستراتيجية تنجح. فخلال معظم حملات انتخابات التجديد النصفي في العام الماضي، تجنب العديد من «الديمقراطيين» دعمها، وتحدثوا بدلاً من ذلك عن الحاجة إلى تبني «جيل جديد من القيادة». ولكن عندما انتهى التصويت لاختيار رئيس مجلس النواب الأسبوع الماضي، كانت بيلوسي والمطرقة في يدها مرة أخرى، ولم تفقد سوى 15 صوتاً من مجموعتها.
رئاسة مجلس النواب منصب غريب، حيث يمكنك الخدمة في وقت واحد في المعارضة وفي الأغلبية، وأن تقود حزبك في مجلس النواب مع التعامل مع رئيس من الحزب الآخر.
كما أن بيلوسي، المرأة الوحيدة التي تولت منصب رئيس مجلس النواب، هي أيضاً أول من يشغل المنصب مرة أخرى منذ «سام رايبورن»، الذي خدم لمدة 17 عاماً في هذا المنصب على ثلاث فترات مختلفة، انتهت الأخيرة بوفاته عام 1961.
لقد ساعد «رايبورن» في توجيه البلاد خلال الحرب العالمية الثانية، ومعظم الحرب الباردة، وخدم بإخلاص تحت رئاسة الرؤساء روزفلت وترومان وآيزنهاور. كما بنى «رايبورن» أحد خلفائه، «كارل ألبرت» من ولاية أوكلاهوما، الذي تولى رئاسة مجلس النواب مرتين، وكان أول المرشحين للرئاسة خلال فضائح «ووترجيت».
وفي كل مناسبة، كان ألبرت يبذل ما في وسعه من أجل العمل لصالح البلاد، على حد قوله، وليس لصالح الحزبين. إن مثل هذه المشاعر، ناهيك عن فكرة التنحي عن السلطة من أجل صلاح البلاد، تبدو غريبة للغاية على سياستنا اليوم لدرجة أنها تبدو كما لو كانت قد جاءت من عصر مختلف. لقد شكّل رايبورن وألبرت، وتيب أونيل – الذين تفاوضوا مع الرئيس رونالد ريجان من أجل مشروع للحفاظ على تمويل الضمان الاجتماعي – نموذجاً لرئاسة مجلس النواب. لقد شكّلوا السياسة، وعملوا مع رؤساء من أي من الحزبين، وحاولوا تحريك العجلة للأمام. كما سعوا للتوصل إلى حل وسط، ولكنهم أيضاً حاولوا إحداث التقدم الذي يجب إحرازه. وقبل كل شيء، كانوا يحترمون المؤسسة التي قادوها، الجزء الأكثر ديمقراطية في حكومتنا الوطنية.
هذا النموذج نجح، وبيلوسي تمثل استعادة لهذا النموذج، وهي تجلب مواهب هائلة وأخلاقيات العمل الأسطوري الي يحتاجها هذا المنصب.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوزسيرفس»